[b]رواية بمنتهى الدقة في البناء .. رواية جمعت كل مشارب الحياة؛ من تاريخ، جَــغرافيا، فلسفة وأدب .. رواية يصعب معها التصديق والتكذيب .. رواية تشكل مهرجانا لملتقى الثقافات؛ حيث تعدُّدُ الأقطار( لبنان ، الجزائر، فلسطين، فرنسا …) وسجِلاّ لكتبٍ وكتـابٍ عرفهم التاريخ أو جعلوا التاريخ يعرفهم، فسجّــل رُغمـاً عنه أسماءهم، إنه استثمار لمقرؤ أحلام مستغانمي.
ليس هذا فحسبُ، بل هي كتاب في التنظير للكتابة الإبداعية خاصة الرسم منها .. كتاب/ رواية تدفعك إلى التشكيك في كل شئ وطرح أسئلة تحمل تناقضات..
– أيّ جسد يقصده العنوان وتؤكده الرواية في ثناياها ..؟
– لماذا كل خطاب النص أتى على لسان”خالد”وعُدَّ المكتوب له تلك التي أحـبَّ ..؟
– ألا تشكل الرواية ذاكرة بمعناها الأولي؛ حيث الكاتب يسرد أحداثا لاتجهلها المخاطَبة وإنما فقط يرغب تَـذكرتها ..؟.
أسئلة كثيرة تصعب الإجابة عنها .. لكن دعني أفترض مايلي:
قد يقصد السارد/ تقصد صاحبة النص بالجسد ذلك الذي ناضل من أجل التحرير، خصوصا وأن” الفقدان” إحدى سمات هذه الرواية ( فقدان الأم أولا و سي الطاهر وفقدان يد السارد ثم فقدان زياد وحسّـان) .. كما قد تكون المرأة محوردِلالته1 .. فـ “حياة” كامرأة كلٌّ كيف نظر إليها .. فـ “خالد” اعتبرها كل النساء و”زياد” رأى فيها المرأة المبدعة الجـــذّابة .. و”سي …” اختطفها أخيرا؛ حيث جعل منها “سي الشريف” فرصة لاحتضان مراكز القرار.
هذا وقد يدل الجسد على الجانبين معاً، خاصة أن “المرأة” وتيمة “الفقدان” ابتدأت بهما الرواية لتنتهي وفقهما، ولهذا الفعل علاقة بــ “الذاكرة”، لكن الذي يؤكد الطرح الأول – لربما- قول السارد ” كان جسدي يُــنتصبُ ذاكرة أمامه .. ولكنه لم يقرأني”2
أمرآخراستوقفني عند العنوان؛ إذ صاحبة الرواية أجدر بأن تكون عنوانا للرواية – أقصد اسمها ( أحلام مستغانمي)-؛ حيث الحلمُ راود السارد وكل شخوص الرواية منذ البداية حتى النهاية، فكل الثوار ضمنيا حلمواْ بتحرير الجزائر من المستعمر، وكم حلُــمَ “خالد” بأن تكون “حياة” له وحده .. وقبل ذلك بأن ينضم إلى الجبهة .. ثم ألم يحلم “حسان” بوظيفة أسمى تريحه من تعب القسم ..؟ .. والملاحظ أن كل هذه الأحلام تبعثرت وظلت أحلاما “ولبست نهائيا حداد أحلامي”3 .. مما يعني كذلك أن “مستغانمي” والتي نفترض أنها اسم لوطَنيّ يقطن بوطن ما ومنه بمدينة ما، كقولنا ” قسطنطيني”، و”مستغانم”- طبعا- مدينة بالجزائر.. إذن ماالذي يمنع من أن يكون مدار النص أحلاما راودت وظلت تراود السارد ..؟؛ هذا الذي يجوز جعله نموذجا لكل جزائري آنذاك، ونهاية النص أقوى دليل على ذلك …”وأجمع مسودات هذا الكتاب المبعثرة في حقيبة، رؤوس أقلام .. ورؤوسَ أحلام “4.